admin | التاريخ: الأحد, 2013-02-03, 2:55 PM | رسالة # 1 |
عضو متميز
مجموعة: المدراء
رسائل: 129
| الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد: فإن أعظم نعمة أنعم الله بها على الثقلين الجن والإنس في آخر الزمان أن بعث فيهم رسوله الكريم محمدًا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم لإخراجهم به من الظلمات إلى النور، فدل على كل خير وحذّر من كل شر، قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ:28]، وقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:158]، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام:19]، ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم قوله: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» (رواه البخاري:335 ومسلم:1163). وأمته صلى الله عليه وسلم أمتان: أمة دعوة وأمة إجابة، وأمة الدعوة كل إنسي وجني من حين بعثته صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، وأمة الإجابة كل من وفقه الله للدخول في دينه الحنيف، وقد ذكر الله هاتين الأمتين في قوله تعالى: {وَاللَّـهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [يونس:25]، فالدعوة عامة والهداية خاصة، والمعنى أن الجميع مدعوون للدخول في دينه الحنيف، والموفق منهم من دخل فيه، والمخذول من أعرض عنه، قال الله عز وجل: {وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود:18]. وقال صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار» (رواه مسلم:386)، ومن كفر به صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى فهو كافر بموسى وعيسى؛ لأن من كفر برسول واحد فهو كافر بجميع الرسل، قال الله عز وجل: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:105]، ونوح عليه الصلاة والسلام أول رسول إلى أهل الأرض بعد حدوث الشرك، وكذبه قومه وجعل تكذيبهم إياه تكذيبًا للمرسلين؛ لأن من كذّب برسول واحد مكذّب بجميع الرسل، واعتراف اليهود والنصارى بأنه رسول إلى العرب يقتضي تصديقهم بما جاء به؛ لأن الرسول لا يكذَّب، ومن ذلك التصديق بعموم رسالته كما دلت عليه الآيات الأربع السابقة وغيرها. وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين وسيد ولد آدم أجمعين، ومع هذا التفضيل والتشريف فقد وُجد في هذا الزمان من أسفه سفهاء الغرب من تطاول على جنابه الشريف واستهزأ به في صور ساخرة في الدانمارك وإنتاج وإخراج فيلم عنه في أمريكا في غاية الخسة والوقاحة، ولكون ديموقراطيتهم الزائفة مبنية على حرية الرأي ولو كانت إلحادًا أو انحلالًا أو فسادًا في الأخلاق فلم ينلهم عقاب، ولا شك أن من أمن العقوبة أساء الأدب، وقد قلت عن المتشدقين بالديموقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان في كلمة نشرت قبل أربع سنوات تقريبا في 18/2/1430هـ عن سفهاء الدانمارك وحماية الديمقراطية الزائفة لهم تحت عنوان (دعاة تغريب المرأة ومتبعو الأهواء والشهوات هم الذين وراء بدء انفلات بعض النساء أخيرًا في بلاد الحرمين) قلت: ومن أمثلة الظلم والعدوان الذي اتصفت به الديموقراطية المزعومة أنه لما تطاول حثالة من أسفه سفهاء الغرب على جناب من أرسله الله رحمة للعالمين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم -وهو أعظم إنسان وأفضل إنسان- كان حظهم من ديموقراطية الغرب السلامة من العقوبة على هذا الإجرام المتناهي في الإجرام، ولا يضر السحاب في السماء نبح الكلاب في الأرض. وأما الفيلم الذي أُنتج في أمريكا وأُخرج قبل أيام وروعي في توقيت إخراجه مناسبة أحداث الحادي عشر من سبتمبر ففيه إساءة بالغة لسيد الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وإيذاء شديد لكل مسلم؛ لأن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون في قلب كل مسلم أعظم من محبة كل إنسان لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (رواه البخاري:15 ومسلم:169)، وهذا الإيذاء للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ولعموم المسلمين حصل به انزعاج المسلمين وغضبهم الشديد على من أنتجه وأخرجه وعلى من سكت عن هذا الإجرام ولم يعاقب المجرمين. ولا شك أن من حصل منهم هذا الإجرام في الدانمارك وأمريكا في طليعة من قال الله فيهم: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال:22]، وقال: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان:44]، وقال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف[/font]:179]، وفي الكلام السائر جملة (الشيء بالشيء يذكر) وقد تذكرت بهذه المناسبة اسم مؤلَّف لمحمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة (309هـ) وهو كتاب (فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب)، وتذكرت كلاماً لأبي بكر بن العربي المتوفى سنة (543هـ) ذكره في كتابه (العواصم من القواصم ص 259) قال فيه بعد ذكر هذيان لبعض الزنادقة المخذولين: (في كفر بارد لا تسخنه إلا حرارة السيف، فأما دفء المناظرة فلا يؤثّر فيه)؛ ولشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب واسع نفيس قارب عدد صفحاته ستمائة صفحة اسمه (الصارم المسلول على شاتم الرسول) صلى الله عليه وسلم، ويكفي من شنأه صلى الله عليه وسلم وأبغضه وعاداه ذلاً وهوانًا وخذلانًا قول الله عز وجل فيه: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر:3]، وإنما قال: هو الأبتر ولم يقل أبتر لبيان تمكنه في هذا الوصف الذميم؛ لكن هذا الإجرام الذي نتج عنه الانزعاج والغضب الشديد من المسلمين حاكمين ومحكومين لا يجوز أن يقابَل من بعض الشعوب الإسلامية بالاعتداء على المستأمنين في السفارات وغيرها ولا بمظاهرات يحصل بسببها أضرار لبعض المتظاهرين وغيرهم. وأما تشدق دول الشرق والغرب بالديموقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان فإن أنظمتهم وأفعالهم تنافي ذلك؛ كما حصل في قطاع غزة قبل أربع سنوات تقريبا من تقتيل وتدمير، وقد قلت في الكلمة المشار إليها آنفا: ومن أمثلته -أعني الظلم والعدوان الذي اتصفت به الديموقراطية المزعومة- أنه لما تسلط بعض أحفاد قتلة الأنبياء قريباً على التقتيل والتدمير في قطاع غزة حيث قُتل أكثر من ألف وثلاثمائة إنسان وجُرح أكثر من خمسة آلاف إنسان، كان حظهم من الديمقراطية المزعومة السلامة من العقاب، بل إن ديموقراطيتهم لم تُجمع على اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، وقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله في كلمته في مؤتمر القمّة الاقتصادي المعقود في الكويت قريباً: (لقد نسي القتلة ومن يناصرهم أن التوراة قالت: أن العين بالعين، ولم تقل التوراة: أن العين بمدينة كاملة من العيون)، يشير بذلك إلى قول الله عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة:45]. وكما حصل ويحصل الآن في بلاد الشام من تقتيل وتدمير وتشريد زاد فيه عدد القتلى حتى الآن على ثلاثين ألفًا؛ وذلك نتيجة لنظام مجلس الأمن الذي تتحكم فيه دول خمس جعلت لنفسها حق العضوية الدائمة فيه وتتمتع كل واحدة منها بما يسمى حق النقض (الفيتو)، ولهذا لم يحصل تنفيذ قراره الذي اتخذه في حق سوريا لمخالفة دولتين من الدول الخمس حليفتين للطغمة الحاكمة في سوريا، فأي عدالة وأي ديمقراطية وأي تشدق بالدفاع عن حقوق الإنسان يتفق مع أنواع الظلم التي تجري في بلاد الشام؟! وقد كتبت رسالة بعنوان (العدل في شريعة الإسلام وليس في الديموقراطية المزعومة) نشرت مفردة عام 1426هـ وضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/329ـ375). وأسأل الله عز وجل أن يصلي ويسلم ويبارك على المبعوث رحمة للعالمين ويجزيه أفضل ما جزى نبياً عن أمته، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق المسلمين حاكمين ومحكومين للتمسك بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ليظفروا بسعادة الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك لا اله الا الله محمد رسول الله
|
|
| |